الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة محمد الجبالي يعرّي الواقع الفني ويكشف المستور في "بلدي التاني"

نشر في  24 أفريل 2014  (13:05)

بعد النقد اللاذع الذي واجهته مسرحية "بلدي التاني" لمحمد الجبالي اخراج جلال الدين السعدي من قبل بعض وسائل الاعلام والتهكمات التي رافقت العروض الفارطة، الثابت ان الرغبة في مشاهدة هذه المسرحية قد قلّت لدى البعض، وبتحولنا مساء الثلاثاء 23 أفريل الى المسرح البلدي بالعاصمة للوقوف على صحّة ما روجه البعض حول هذا "الوان مان شو" كانت صدمتنا مضاعف و ذلك لأن المسرحية استوفت كل مقومات العمل المسرحي فعندما نتحدث عن "الوان مان شو" نقول الغناء والرقص والحضور الركحي وتماسك النص والقدرة على أداء أكثر من شخصية والضحك وهذا فعلا ما توفر في "بلدي التاني" وهو ما يدفعنا الى التساؤل حول السرّ ومن يقف وراء الهجمة الشرسة التي تعرض اليها الجبالي والحال ان مسرحيته رغم كونها التجربة الأولى في رصيده فإنها تعتبر من أفضل الأعمال المسرحية الموجودة حاليا .

المشارقة كذبة وصنعوها السمسارة

محمد الجبالي كشف المستور وقام بتعرية الواقع الفني في تونس وصدع بالحقائق التي قد لا تكون مخفية في كوميديا سوداء حيث تحدث بأسلوب هزلي ولا يخلو من نقد عن وضعية الفنان التونسي وما يعانيه هذا الأخير من تجاهل واهمال سواء من قبل وسائل الاعلام السمعية والمرئية والتي تخيّر تمرير أغاني تجارية لفنانين من مصر أو لبنان على حساب الفنان التونسي الذي يتميز عن الآنف ذكرهم بصوته الجميل وحسن اختياره للكلمات والالحان، كما ينتقد الجبالي التجاء شركات الانتاج الى اقصاء الموهبة التونسية كما لم يسلم متعهدي الحفلات ومديري الاعمال من نقد حيث أكد أن معظم المشارقة الذين يتحولون الى نجوم في تونس هم مجرّد "كذبة وصنعوها السمسارة"

نقد وكوميديا سوداء

ومن بين الفنانين المشارقة الذين لم يسلموا من نقد الجبالي نذكر الفنانة االيسا التي ما انفكت تضحك على ذقون الشعب التونسي بغنائها على طريقة البلاي باك ومصطفى قمر الذي يغني حسب الجبالي بعينيه وعمر ذياب الذي يعتمد لجلب الجمهور على عضلاته المفتولة وهيفاء وهبي التي لا تمتلك سوى مفاتنها لاثارة الجمهور وروبي، كل هؤلاء النجوم هم مجرّد ظواهر صوتية حسب الجبالي صنعها تجار الفن ووسائل الاعلام التي تصر على تمرير اغانيهم عشرات المرات يوميا لا لشيء سوى لأن الجمهور التونسي يريدهم، وللتعبير أكثر عن هذه المعاناة التي يعيشها الفنان التونسي غنى محمد الجبالي اغنية "قنديل باب منارة".
ومن شخصيات العمل نجد سائق التاكسي الذي يقترح على مطرب مغمور ان يدير اعماله ويقدمه للمنتجين التوانسة المنبهرين بالأجنبي في الاثناء يشترط احد المنتجين على المطرب التونسي أن يقدم له وصلات من أغاني متعددة لجورج وسوف وفريد الأطرش وحتى الغناء الاركسترالي والافريقي والهندي والتركي والشعبي ليختم بموسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب ورغم براعة أداء هذا المطرب الشاب فان المنتج يتركه في النهاية ليهتم باحدى الفنانات التي لا تمتلك سوى مواهب جسدية وهنا يسلط الجبالي الضوء على بعض الفنانات اللاتي تستعملن أجسادهن وتضاريسهن المتنوعة ودلالهن للوصول الى الشهرة دون أدنى عناء.
مغني الراب لاقى هو الآخر نصيبه من النقد في "وان مان شو الجبالي" هذا الفن الذي اكتسح وسائل الاعلام.

موهبة التقليد وسلاسة الانتقال من شخصية الى أخرى


وكانت المسرحية فرصة لاكتشاف موهبة لدى الجبالي وهي تقليد الاصوات حيث قلّد وأجاد محمد الجبالي كل هؤلاء الفنانين واللهجات وقد تلون صوته مع كل لهجة ومع كل طبقة صوتية لكل المذكورين، اضافة الى سلاسة الانتقال من شخصية الى أخرى.
"نتمنى صفحة ونطويوها... ونظرتنا لبعضنا تتبدّل... فيها حب وغيرة تجمعنا... تقويّنا... نتمنّى لو يرجع بي زماني بيّ لتالي... نكون في بلادي قدري عالي... عزيز وغالي... وتونس في الصف اللولاني"..رسالة حبلى بالمعاني وجهها الجبالي الى الشعب التونسي في نهاية المسرحية ليؤكد من جديد ان الفنان التونسي لا يجب ان يكون خلف الستارة وعلى الجمهور ووسائل الاعلام ان تعيد له هيبته التي تكاد تندثر وسط "فقاقيع" الفن وسماسرته.
ختاما يبقى ان نشير الى ان محمد الجبالي مطالب باعادة النظر في بداية المسرحية التي كانت متعثرة نوعا ما، وهذا لا ينفي ان الجبالي برهن من خلال هذه التجربة الأولى انه ممثل من درجة أولى وعمله متميز مقارنة ببقية الوان المان شو التي تعرض حاليا .

سناء الماجري